الحطّاب والحمامتان | ||
![]() | ||
الحطّاب والحمامتان تألیف: نادر ابراهیمی کان یعیش فی إحدى الغابات البدیعة، حطّاب یُدعى مراد مع زوجته الوفیة (خاطرة)، وولدهما سعید وإبنتهما سعید وابنتهما سعیدة. إستیقظ مراد الحطّاب فی الصباح الباکر، وتناول فطوره بعد أن صلّى صلاة الصبح، وحمل طعامه وکوز الماء وانطلق نحو الغابة. هو یذهب – کل یوم – الى هذه الجهة أو تلک، بحثاً عن الاشجار الیابسة التی لانفع فیها سوى القطع والبیع والاستفادة من ثمنها، لیأتی المزارعون ویزرعوا فی مکانها شجرة مفیدة نافعة. قضى مراد ثلاثین عاماً فی مهنة الحطابة، بعد أن أخذ من المزارعین إجازة فی مهنته تلک، حیث یحمل الحطب الى السوق ویبعیه، ویؤمّن بالمال الوارد، معیشة زوجته وولدیه. ذهب مراد – ذات یوم – کعادته للبحث عن الحطب فی الغابة، لکنه بالرغم من البحث الدؤوب، لم یجد شجرة یابسة واحدة. وخلال بحثه عن الحطب، صادف حارس الغابة أمامه، فسلّم علیه وسأله: هل رأیت فی هذه المنطقة، شجرة یابسة لکی أقطعها وأبیعها؟ قال حارس الغابة: سید مراد، لم أشاهد فی هذه المنطقة أیة شجرة یابسة، فأنت قطعت جمیع الاشجار الیابسة وبعتها. قال مراد: إذاً، فی أمان الله. ذهب مراد یبحث عن الحطب فی أماکن أخرى من الغابة فالتقى براعی البقر، فسلّم علیه مراد، وقال له: هل شاهدت فی هذه الناحیة، شجرة یابسة؟ أجاب راعی البقر: أنا شاهدت قبل أیام شجرة یابسة، إلا انک قطعتها وجعلتها حطباً وبعتها. قال مراد: نعم، أعلم ذلک، أستودعک الله. ذهب مراد یتجوّل فی الغابة من الصباح حتى المساء، فلم یجد شجرة یابسة، وتعب جداً، فاستلقى تحت شجرة. استیقظ مراد فی الصباح الباکر على أمل أن یجد شجرة یابسة لیبیعها، أما زوجته فکانت تحوک القبعات وتعرضها للبیع. وبعد أن تجوّل مراد فی الغابة، وانهکه الجوع والتعب، شاهد شجرة مرتفعة جداً ویابسة، فحدّق فیها جیداً، وقال: نعم انها یابسة حتماً، فرفع فأسه وضربها، فقالت الشجرة – فجأة - : ماذا تفعل یا رجل؟ قال مراد: یبدو ان أحداً قال شیئاً!! قالت الشجرة المرتفعة: یظهر انک لم ترنی، ماذا تفعل یا ترى؟ قال مراد: هل من المعقول ان شجرة تتکلّم؟ قالت الشجرة الیابسة: دعک من هذا، ألم تلحظ ان حمامتین تجلسان فی عشّهما على أحد أغصانی، وقد وضعت الانثى أربع بیضات، فإذا أنت قطعتنی، فسیقع العش، وتتحطم البیضات، وتموت الحمامتان من الحزن. فکّر مراد الحطّاب کثیراً، ثم قال: إسمعی أیتها الشجرة. قالت الشجرة محذّرة: ماذا ترید؟ لاأرضى أبداً أن تصیب الحمامتین بمکروه وأذى بسببی .. هل فهمت؟ نظر مراد الى أعلى الشجرة، فرأى عشاً وفیه حمامتین. فقال لهما: إنهضا وحطّا على شجرة خضراء، ألیس هذا أفضل لکما؟ قالت الحمامتان: هل جننت أیها الحطاب؟ کیف بمقدورنا نقل عشنا وبیضاتنا من الشجرة دون أن تنکسر؟ قال الحطّاب مراد: ماذا أفعل؟ منذ یومین وأنا أبحث عن شجرة یابسة لأقطعها وأبیعها، وانتفع بثمنها. أجابت الحمامتان: ونحن ماذنبنا؟ فإذا کنت أنت تفکّر بأولادک، فنحن أیضاً نفکّر بصغارنا؟ إنصرف مراد عن قطع الشجرة الیابسة وعاد الى منزله. عند ما وصل مراد الى منزله، حکى لزوجته وولدیه، قصته مع الحمامتین. إقترح ولداه أن یأتی بالحمامتین وعشهما، إلى سطح منزلهما، ومن بعدها یقطّع الشجرة ویبیعها. فاستساغ مراد الفکرة وقرّر ان ینفذها. ولمّا رجع مراد الحطّاب الى الشجرة، طرح الفکرة على الحمامتین، فشکرتاه وسرّتا بالفکرة کثیراً، وأخذا یزغردن من الفرح. تسلّق مراد الشجرة الیابسة، وحمل العش والحمامتین وأنزلهما الى الارض، ثم قطع الشجرة الى قطع صغیرة، وحمل العش فوق رأسه، والحطب على حماره واتجه نحو المنزل. وحالما وضع مراد الحطّاب، العش فوق سطح المنزل، زغردت الحمامتان، فیما إبتسمت زوجته خاطرة، وولداه سعید وسعیدة. | ||
الإحصائيات مشاهدة: 3,019 |
||