من قصص الانبیاء فی القرآن مدائن صالح (علیه السلام): آیة فی الروعة، وعبرة للمستکبرین | ||
من قصص الانبیاء فی القرآن مدائن صالح (علیه السلام): آیة فی الروعة، وعبرة للمستکبرین
مریم هادی
یتحدّث القرآن الکریم أیها الاطفال الکرام عن الأمم والاقوام السابقة، وسوء تعاملها مع أنبیائها العظام، والعاقبة السیئة التی واجهتها بفعل عصیانها لقیم السماء. ومن تلک الأقوام التی اشار إلیها القرآن الکریم، قوم صالح وکیف عصوا نبیهم الکریم ، فکان البلاء الذی أصابهم؟ وکلمة ((مدائن صالح)) تحدّث القرآن عنها بإسم ((الحجر))، إذ قال تعالى: ((ولقد کذب اصحاب الحجر المرسلین))، وهی عبارة عن منطقة تقع شمال الجزیرة العربیة، وبالتحدید شمال المدینة المنورة، وعلى أرض هذه المنطقة قامت حضارة عامرة تثیر الإعجاب بمنحوتات جبالها المتمثلة فی القبور والکهوف والآبار والمناطق السکنیة القدیمة فی السهول. وتحدّث القرآن الکریم عن ثمود (قوم صالح "علیه السلام") فی آیات قرآنیة عدیدة عن کذب ثمود والعقاب الالهی الذی إنتظرهم، وهم الذین تجولوا فی منطقة الصخور، ووبخهم الله تعالى وعاتبهم لترکهم مناطقهم حیث الجنات والعیون والنخیل، وذهابهم الى الجبال ونحتهم البیوت فیها، والتی تدلّ على ان ثمود قوم کانوا یسکنون منطقة الحجر وقد بنوا فیها قصوراً، کما جاء فی قوله تعالى: ((واذکروا إذ جعلکم خلفاء من بعد عاد وبوأکم فی الأرض تتخذون من سهولها قصوراً وتنحتون الجبال بیوتا، فاذکروا آلاء الله ولاتعثوا فی الأرض مفسدین))، وکشفت مدى الحضارة التی کانت قائمة فی تلک المنطقة، وأظهرت مدى ما وصل الیه القوم من تقدم فی فن النحت والمعمار. فمَنْ شاهد مدائن صالح فی الوقت الحاضر وشاهد مقابرها فإنه سیقتنع تماماً بالحضارة العظیمة التی کانت سائدة فی تلک المنطقة. عاش ثمود، قوم النبی صالح "علیه السلام" معه على هذه الارض. وکما یروی القرآن الکریم فإن صالحاً "علیه السلام" بُعث نبیاً لقومه ثمود، فطلبوا منه المعاجز، وکان یدعو الله ان یحقق لهم ما طلبوا فیستجیب الله دعاءه الى ان طلبوا منه فی یوم عیدهم ان یُخرج لهم من صخرة، ناقة ذات وبر(أی شعر)، فأخذ صالح علیهم العهود والمواثیق بانه إذا دعا الله – عزوجل – وخرجت الناقة بهذه الأوصاف، أن یؤمنوا بالله؟ قالوا: نعم، فدعا الله فانبثقت الصخرة عن ناقة وبراء وقد بلغت فی الکبر حجماً یُخیف المواشی، وانقسم الناس أعزائی الصغار بعد هذه المعجزة إلى ثلاث فئات: فئة آمنت بالله ثم بالنبی صالح "علیه السلام"، وفئة زادتها هذه الآیة تجبّراً وکُفراً واستکباراً. والفئة الثالثة، کانت متذبذبة بین الفریقین، فإن کانت القوة لصالح آمنت، وإن کانت مع المستکبرین استکبرت. وفی تلک الفترة أخذت الناقة ترعى فی تلک المنطقة فتهرب منها المواشی، وکانت تشرب الماء کله فی یوم، فتزوّد القوم کلهم باللبن وتترک لهم الماء یوماً آخر. ولکن بعد ذلک تآمر نفر من القوم على ذبح الناقة، وهناک قام أشدّها تجبّراً وهو احد النفر التسعة الذین قال الله عنهم: ((وکان فی المدینة تسعة رهط یفسدون فی الارض ولایصلحون))، فدبّر مکیدة لذبح الناقة فی مکان معروف وإستطاع أن یذبح الناقة، وبعد ان بلغ الخبر النبی صالحاَ "علیه السلام" قال لهم، (( أدرکوه قبل أن یأتیکم العذاب))، فلحقوا به ولکنه دخل فی الصخرة ولم یصلوا الیه. عندها قال لهم صالح کما جاء فی القرآن الکریم: ((تمتعوا فی دارکم ثلاثة ایام ذلک وعد غیرمکذوب)). وحدّثهم عن علامات تظهر فیهم فی هذه الأیام الثلاثة، ففی الیوم الاول تصفرّ وجوههم. وتحمّر فی الیوم الثانی. وتسوّد فی الیوم الثالث ثم یأتیهم العذاب فی الیوم الرابع. ولما رأوا صدق هذه العلامات کَمن له بعضهم فی الطریق لقتله فی وقت الفجر، ولکن الله أسرع مکراً إذ سدّ علیهم الغار الذی کمنوا فیه فماتوا، ثم توجه صالح "علیه السلام" مع الفئة المؤمنة نحوالشام، وبعدها جاء العذاب صیحة ورجفة وزلزلة وعذاب عظیم کما تحدّث القرآن، فبعد ان کانت أمّة لها قدرتها ومکانتها، إنتهى بها فسادها وعصیانها، مخلّفة تلک الآثار عبرة للأجیال القادمة. | ||
الإحصائيات مشاهدة: 3,562 |
||